الدليل الشرعيّ غير اللفظيّ: دلالة الفعل (کتاب دروس فی علم الاصول شهید محمدباقر صدر)
دلالة الفعل (کتاب دروس فی علم الاصول شهید محمدباقر صدر)
دلالة الفعل:
أمّا الفعل فتارة يقترن بمقال أو بظهور حال يقتضي كونه تعليميّا فيكتسب مدلوله من ذلك، و أخرى يتجرّد عن قرينة من هذا القبيل، و حينئذ فإن لم يكن من المحتمل اختصاص المعصوم بحكم في ذلك المورد دلّ صدور الفعل منه على عدم حرمته بحكم عصمته، كما يدلّ الترك على عدم الوجوب لذلك، و لا يدلّ بمجرّده على استحباب الفعل و رجحانه إلّا إذا كان عبادة- فإنّ عدم حرمتها مساوق لمشروعيّتها و رجحانها- أو أحرزنا في مورد عدم وجود أيّ حافز غير شرعيّ، فيتعيّن كون الحافز شرعيّا فيثبت الرجحان، و يساعد على هذا الإحراز تكرار صدور العمل من المعصوم، أو مواظبته عليه مع كونه من الأعمال التي لا يقتضي الطبع تكرارها و المواظبة عليها.
و هل يدلّ الفعل على عدم كونه مرجوحا، إمّا مطلقا، و إمّا في حالة تكرار صدوره من المعصوم، أو لا يدلّ على أكثر ممّا تقدّم من نفي الحرمة في ذلك؟ وجوه مبنيّة على أنّ المعصوم هل يجوز في حقّه ترك الأولى و فعل المكروه، أو يجوز حتّى التكرار و المواظبة على ذلك، أو لا يجوز شيء من هذا بالنسبة إليه؟ و يلاحظ أنّه على تقدير عدم تجويز ترك الأولى على المعصوم، إمّا مطلقا أو بنحو المواظبة على الترك، نستطيع أن نستفيد من الترك عدم استحباب المتروك، كما نستفيد من الفعل عدم كونه مكروها و عدم كون الترك مستحبّا.
و تبقى هناك نقطة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار و هي: أنّ هذه الدلالات إنّما تتحقّق في إثبات حكم للمكلّف عند افتراض وحدة الظروف المحتمل دخلها في الحكم الشرعيّ، فإنّ الفعل لمّا كان دالا صامتا و ليس له إطلاق، فلا يعيّن ما هي الظروف التي لها دخل في إثبات ذلك الحكم للمعصوم، فما لم نحرز وحدة الظروف المحتمل دخلها لا يمكن أن نثبت الحكم.
و من هنا قد يثار اعتراض عام في المقام، و هو أنّ نفس النبوّة و الإمامة ظرف يميّز المعصوم دائما عن غيره، فكيف يمكن أن نثبت الحكم على أساس فعل المعصوم.
و الجواب على ذلك: أنّ احتمال دخل هذا الظرف في الحكم المكتشف ملغى بقوله تعالى: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) و ما يناظره من الأدلّة الشرعيّة الدالة على جعل النبيّ و الإمام قدوة، فإنّ فرض ذلك يقتضي إلغاء دخل النبوّة و الإمامة في سلوكهما لكي يكون قدوة لغير النبيّ و الإمام، فما لم يثبت بدليل أنّ الفعل المعيّن من مختصّات النبيّ و الإمام يبنى على عدم الاختصاص.
وبلاگ علوم قرآن و حدیث
راهنمای آزمون ارشد و دکتری رشته علوم قرآن و حدیث+مطالب آموزنده قرآنی و حدیثی+علایق شخصی